مكة المكرمة
سورة الحاقة

آيات

٥٢

مكان النزول

مكة المكرمة

تمهيد عام للسورة

(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)

 

سميت (سورة الحاقة) في عهد النبيء ﷺ . وروى أحمد بن حنبل أن عمر بن الخطاب قال: «خرجت يوما بمكة أتعرض لرسول الله قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد الحرام فوقفت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن فقلت: هذا والله شاعر - أي قلت في خاطري - فقرأ ﴿وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون﴾ [الحاقة: ٤١] قلت: كاهن، فقرأ ﴿ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون﴾ [الحاقة: ٤٢] ﴿تنزيل من رب العالمين﴾ [الحاقة: ٤٣] إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع»  .

وباسم (الحاقة) عنونت في المصاحف وكتب السنة وكتب التفسير. وقال الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز: إنها تسمى أيضا ”سورة السلسلة“ لقوله ﴿ثم في سلسلة﴾ [الحاقة: ٣٢] وسماها الجعبري في منظومته في ترتيب نزول السور ”الواعية“ ولعله أخذه من وقوع قوله ﴿وتعيها أذن واعية﴾ [الحاقة: ١٢] ولم أر له سلفا في هذه التسمية.

ووجه تسميتها (سورة الحاقة) وقوع هذه الكلمة في أولها ولم تقع في غيرها من سور القرآن.

وهي مكية بالاتفاق. ومقتضى الخبر المذكور عن عمر بن الخطاب أنها نزلت في السنة الخامسة قبل الهجرة فإن عمر أسلم بعد هجرة المهاجرين إلى الحبشة، وكانت الهجرة إلى الحبشة سنة خمس قبل الهجرة إلى المدينة.

وقد عدت هذه السورة السابعة والسبعين في عداد ترتيب النزول. نزلت بعد سورة تبارك وقبل سورة المعارج.

واتفق العادون من أهل الأمصار على عد آيها إحدى وخمسين آية.

أغراض السورة

اشتملت هذه السورة على تهويل يوم القيامة. وتهديد المكذبين بوقوعه. وتذكيرهم بما حل بالأمم التي كذبت به من عذاب في الدنيا ثم عذاب الآخرة وتهديد المكذبين لرسل الله تعالى بالأمم التي أشركت وكذبت.

وأدمج في ذلك أن الله نجى المؤمنين من العذاب، وفي ذلك تذكير بنعمة الله على البشر إذ أبقى نوعهم بالإنجاء من الطوفان.

ووصف أهوال من الجزاء وتفاوت الناس يومئذ فيه، ووصف فظاعة حال العقاب على الكفر وعلى نبذ شريعة الإسلام، والتنويه بالقرآن، وتنزيه الرسول ﷺ وعن أن يكون غير رسول، وتنزيه الله تعالى عن أن يقر من يتقول عليه، وتثبيت الرسول ﷺ، وإنذار المشركين بتحقيق الوعيد الذي في القرآن.