مكة المكرمة
سورة النمل

آيات

٩٣

مكان النزول

مكة المكرمة

تمهيد عام للسورة

(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)

 

أشهر أسمائها سورة النمل. وكذلك سميت في صحيح البخاري وجامع الترمذي. وتسمى أيضا سورة سليمان، وهذان الاسمان اقتصر عليهما في الإتقان وغيره.

وذكر أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن أنها تسمى سورة الهدهد. ووجه الأسماء الثلاثة أن لفظ النمل ولفظ الهدهد لم يذكرا في سورة من القرآن غيرها، وأما تسميتها سورة سليمان فلأن ما ذكر فيها من ملك سليمان مفصلا لم يذكر مثله في غيرها.

وهذه السورة مكية بالاتفاق كما حكاه ابن عطية والقرطبي والسيوطي وغير واحد. وذكر الخفاجي أن بعضهم ذهب إلى مكية بعض آياتها (كذا ولعله سهو صوابه مدنية بعض آياتها) ولم أقف على هذا لغير الخفاجي.

وهي السورة الثامنة والأربعون في عداد نزول السور، نزلت بعد الشعراء وقبل القصص. كذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير.

وقد عدت آياتها في عدد أهل المدينة ومكة خمسا وتسعين، وعند أهل الشام والبصرة والكوفة أربعا وتسعين.

أغراض السورة

من أغراض هذه السورة

أول أغراض هذه السورة افتتاحها بما يشير إلى إعجاز القرآن ببلاغة نظمه وعلو معانيه، بما يشير إليه الحرفان المقطعان في أولها.

والتنويه بشأن القرآن وأنه هدى لمن ييسر الله الاهتداء به دون من جحدوا أنه من عند الله.

والتحدي بعلم ما فيه من أخبار الأنبياء.

والاعتبار بملك أعظم ملك أوتيه نبيء. وهو ملك داود وملك سليمان عليهما السلام. وما بلغه من العلم بأحوال الطير، وما بلغ إليه ملكه من عظمة الحضارة.

وأشهر أمة في العرب أوتيت قوة وهي أمة ثمود. والإشارة إلى ملك عظيم من العرب وهو ملك سبأ. وفي ذلك إيماء إلى أن نبوءة محمد ﷺ رسالة تقارنها سياسة الأمة ثم يعقبها ملك، وهو خلافة النبيء ﷺ .

وأن الشريعة المحمدية سيقام بها ملك للأمة عتيد كما أقيم لبني إسرائيل ملك سليمان.

ومحاجة المشركين في بطلان دينهم وتزييف آلهتهم وإبطال أخبار كهانهم وعرافيهم، وسدنة آلهتهم. وإثبات البعث وما يتقدمه من أهوال القيامة وأشراطها.

وأن القرآن مهيمن على الكتب السابقة. ثم موادعة المشركين وإنباؤهم بأن شأن الرسول الاستمرار على إبلاغ القرآن وإنذارهم بأن آيات الصدق سيشاهدونها، والله مطلع على أعمالهم.

قال ابن الفرس: ليس في هذه السورة إحكام ولا نسخ. ونفيه أن يكون فيها إحكام ولا نسخ معناه أنها لم تشتمل على تشريع قار ولا على تشريع منسوخ. وقال القرطبي في تفسير آية ﴿وأمرت أن أكون من المسلمين﴾ [النمل: ٩١] ﴿وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه﴾ [النمل: ٩٢] الآية، نسختها آية القتال اهـ، يعني الآية النازلة بالقتال في سورة البراءة. وتسمى آية السيف، والقرطبي معاصر لابن الفرس إلا أنه كان بمصر وابن الفرس بالأندلس، وقوله: ﴿لأعذبنه عذابا شديدا﴾ [النمل: ٢١] ويؤخذ منهما حكمان كما سيأتي.