تمهيد عام للسورة
(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)
سميت سورة النجم بغير واو في عهد أصحاب النبيء ﷺ، ففي الصحيح عن ابن مسعود «أن النبيء ﷺ قرأ سورة النجم فسجد بها فما بقي أحد من القوم إلا سجد فأخذ رجل كفا من حصباء أو تراب فرفعه إلى وجهه. وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافرا. وهذا الرجل أمية بن خلف» . وعن ابن عباس «أن النبيء ﷺ سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون» . فهذه تسمية لأنها ذكر فيها النجم.
وسموها سورة والنجم بواو بحكاية لفظ القرآن الواقع في أوله وكذلك ترجمها البخاري في التفسير والترمذي في جامعه.
ووقعت في المصاحف والتفسير بالوجهين وهو من تسمية السورة بلفظ وقع في أولها وهو لفظ (النجم) أو حكاية لفظ (والنجم) .
وسموها (والنجم إذا هوى) كما في حديث زيد بن ثابت في الصحيحين «أن النبيء ﷺ قرأ: ”والنجم إذا هوى“ فلم يسجد»،، أي: في زمن آخر غير الوقت الذي ذكره ابن مسعود وابن عباس. وهذا كله اسم واحد متوسع فيه فلا تعد هذه السورة بين السور ذوات أكثر من اسم.
وهي مكية، قال ابن عطية: بإجماع المتأولين. وعن ابن عباس وقتادة استثناء قوله تعالى ﴿الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم﴾ [النجم: ٣٢] الآية قالا: هي آية مدنية. وسنده ضعيف. وقيل: ونسب إلى الحسن البصري: أن السورة كلها مدنية، وهو شذوذ.
وعن ابن مسعود هي أول سورة أعلنها رسول الله ﷺ بمكة.
وهي السورة الثالثة والعشرون في عد ترتيب السور. نزلت بعد سورة الإخلاص وقبل سورة عبس.
وعد جمهور العادين آيها إحدى وستين، وعدها أهل الكوفة اثنتين وستين.
قال ابن عطية: سبب نزولها أن المشركين قالوا: إن محمدا يتقول القرآن ويختلق أقواله، فنزلت السورة في ذلك.
أغراض السورة
أغراض هذه السورة أول أغراضها تحقيق أن الرسول ﷺ صادق فيما يبلغه عن الله تعالى، وأنه منزه عما ادعوه.
وإثبات أن القرآن وحي من عند الله بواسطة جبريل.
وتقريب صفة نزول جبريل بالوحي في حالين زيادة في تقرير أنه وحي من الله واقع لا محالة.
وإبطال إلهية أصنام المشركين.
وإبطال قولهم في اللات والعزى ومناة: بنات الله، وأنها أوهام لا حقائق لها وتنظير قولهم فيها بقولهم في الملائكة أنهم إناث.
وذكر جزاء المعرضين والمهتدين وتحذيرهم من القول في هذه الأمور بالظن دون حجة.
وإبطال قياسهم عالم الغيب على عالم الشهادة وأن ذلك ضلال في الرأي قد جاءهم بضده الهدى من الله. وذكر لذلك مثال من قصة الوليد بن المغيرة، أو قصة ابن أبي سرح.
وإثبات البعث والجزاء.
وتذكيرهم بما حل بالأمم ذات الشرك من قبلهم وبمن جاء قبل محمد ﷺ من الرسل أهل الشرائع.
وإنذارهم بحادثة تحل بهم قريبا.
وما تخلل ذلك من معترضات ومستطردات لمناسبات ذكرهم عن أن يتركوا أنفسهم.
وأن القرآن حوى كتب الأنبياء السابقين.