آيات
٢٤
مكان النزول
المدينة المنورة
(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)
اشتهرت تسمية هذه السورة (سورة الحشر) . وبهذا الاسم دعاها النبيء ﷺ .
روى الترمذي عن معقل بن يسار قال رسول الله ﷺ «من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر» الحديث، أي الآيات التي أولها ﴿هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة﴾ [الحشر: ٢٢] إلى آخر السورة.
وفي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس سورة الحشر قال (قل بني النضير)، أي سورة بني النضير فابن جبير سماها باسمها المشهور. وابن عباس يسميها سورة بني النضير. ولعله لم يبلغه تسمية النبيء ﷺ إياها (سورة الحشر) لأن ظاهر كلامه أنه يرى تسميتها سورة بني النضير لقوله لابن جبير قل بني النضير.
وتأول ابن حجر كلام ابن عباس على أنه كره تسميتها بـ (الحشر) لئلا يظن أن المراد بالحشر يوم القيامة. وهذا تأويل بعيد. وأحسن من هذا أن ابن عباس أراد أن لها اسمين، وأن الأمر في قوله: قل، للتخيير.
فأما وجه تسميتها (الحشر) فلوقوع لفظ (الحشر) فيها. ولكونها ذكر فيها حشر بني النضير من ديارهم أي من قريتهم المسماة الزهرة قريبا من المدينة. فخرجوا إلى بلاد الشام إلى أريحا وأذرعات، وبعض بيوتهم خرجوا إلى خيبر، وبعض بيوتهم خرجوا إلى الحيرة.
وأما وجه تسميتها سورة بني النضير فلأن قصة بني النضير ذكرت فيها.
وهي مدنية بالاتفاق.
وهي الثامنة والتسعون في عداد نزول السور عند جابر بن زيد. نزلت بعد سورة البينة وقبل سورة النصر.
وكان نزولها عقب إخراج بني النضير من بلادهم سنة أربع من الهجرة.
وعدد آيها أربع وعشرون باتفاق العادين.
وقع الاتفاق على أنها نزلت في شأن بني النضير ولم يعينوا ما هو الغرض الذي نزلت فيه. ويظهر أن المقصد منها حكم أموال بني النضير بعد الانتصار عليهم، كما سنبينه في تفسير الآية الأولى منها.
وقد اشتملت على أن ما في السماوات وما في الأرض دال على تنزيه الله، وكون في السماوات والأرض ملكه، وأنه الغالب المدبر.
وعلى ذكر نعمة الله على ما يسر من إجلاء بني النضير مع ما كانوا عليه من المنعة والحصون والعدة. وتلك آية من آيات تأييد رسول الله ﷺ وغلبته على أعدائه.
وذكر ما أجراه المسلمون من إتلاف أموال بني النضير وأحكام ذلك في أموالهم وتعيين مستحقيه من المسلمين.
وتعظيم شأن المهاجرين والأنصار والذين يجيئون بعدهم من المؤمنين.
وكشف دخائل المنافقين ومواعيدهم لبني النضير أن ينصروهم وكيف كذبوا وعدهم وأنحى على بني النضير والمنافقين بالجبن وتفرق الكلمة وتنظير حال تغرير المنافقين لليهود بتغرير الشيطان للذين يكفرون بالله، وتنصله من ذلك يوم القيامة فكان عاقبة الجميع الخلود في النار.
ثم خطاب المؤمنين بالأمر بالتقوى والحذر من أحوال أصحاب النار والتذكير بتفاوت حال الفريقين.
وبيان عظمة القرآن وجلالته واقتضائه خشوع أهله.
وتخلل ذلك إيماء إلى حكمة شرائع انتقال الأموال بين المسلمين بالوجوه التي نظمها الإسلام بحيث لا تشق على أصحاب الأموال.
والآمر باتباع ما يشرعه الله على لسان رسوله ﷺ .
وختمت بصفات عظيمة من الصفات الإلهية وأنه يسبح له ما في السماوات والأرض تزكيه لحال المؤمنين وتعريضا بالكافرين.