المدينة المنورة
سورة الطلاق

آيات

١٢

مكان النزول

المدينة المنورة

تمهيد عام للسورة

(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)

 

سورة (﴿يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء﴾ [الطلاق: ١]) إلخ شاعت تسميتها في المصاحف وفي كتب التفسير وكتب السنة: سورة الطلاق ولم ترد تسميتها بهذا في حديث عن رسول الله ﷺ موسوم بالقبول.

وذكر في الإتقان أن عبد الله بن مسعود سماها سورة النساء القصرى أخذا مما أخرجه البخاري وغيره عن مالك بن عامر قال: كنا عند عبد الله بن مسعود فذكر عنده أن الحامل المتوفى عنها تعتد أقصى الأجلين أي أجل وضع الحمل إن كان أكثر من أربعة أشهر وعشر، وأجل الأربعة الأشهر وعشر فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى ﴿وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن﴾ [الطلاق: ٤] اهـ. وفي الإتقان عن الداودي إنكار أن تدعى هذه السورة بالقصرى للتنزه عن وصف القرآن بصفة نقص ورده ابن حجر بأن القصر أمر نسبي أي ليس مشعرا بنقص على الإطلاق. وابن مسعود وصفها بالقصرى احترازا عن السورة المشهورة باسم سورة النساء التي هي السورة الرابعة في المصحف التي أولها ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة﴾ [النساء: ١] . وأما قوله الطولى فهو صفة لموصوف محذوف أي بعد السورة الطولى يعني سورة البقرة لأنها أطول سور القرآن ويتعين أن ذلك مراده لأن سورة البقرة هي التي ذكرت فيها عدة المتوفى عنها. وقد يتوهم أن سورة البقرة تسمى سورة النساء الطولى من مقابلتها بسورة النساء القصرى في كلام ابن مسعود. وليس كذلك كما تقدم في سورة النساء.

وهي مدنية بالاتفاق.

وعدد آيها اثنتا عشرة آية في عدد الأكثر. وعدها أهل البصرة إحدى عشرة آية.

وهي معدودة السادسة والتسعين في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد نزلت بعد سورة الإنسان وقبل سورة البينة.

وسبب نزولها ما رواه مسلم عن طريق ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر كيف ترى في الرجل طلق امرأته حائضا فقال «طلق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله ﷺ فسأل عمر رسول الله ﷺ فقال له: ليراجعها، فردها وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك. قال ابن عمر وقرأ النبيء: ﴿يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾ [الطلاق»: ١]  .

وظاهر قوله وقرأ النبيء ﷺ إلخ. إنها نزلت عليه ساعتئذ. ويحتمل أن تكون نزلت قبل هذه الحادثة. وقال الواحدي عن السدي: أنها نزلت في قضية طلاق ابن عمر وعن قتادة أنها نزلت بسبب أن النبيء ﷺ طلق حفصة ولم يصح. وجزم أبو بكر بن العربي بأن شيئا من ذلك لم يصح وأن الأصح أن الآية نزلت بيانا لشرع مبتدإ.

أغراض السورة

الغرض من آيات هذه السورة تحديد أحكام الطلاق وما يعقبه من العدة والإرضاع والإنفاق والإسكان. تتميما للأحكام المذكورة في سورة البقرة.

والإيماء إلى حكمة شرع العدة والنهي عن الإضرار بالمطلقات والتضييق عليهن.

والإشهاد على التطليق وعلى المراجعة وإرضاع المطلقة ابنها بأجر على الله.

والأمر بالائتمار والتشاور بين الأبوين في شأن أولادهما.

وتخلل ذلك الأمر بالمحافظة الوعد بأن الله يؤيد من يتقي الله ويتبع حدوده ويجعل له من أمره يسرا ويكفر عنه سيئاته.

وأن الله وضع لكل شيء حكمه لا يعجزه تنفيذ أحكامه.

وأعقب ذلك بالموعظة بحال الأمم الذين عتوا عن أمر الله ورسله وهو حث للمسلمين على العمل بما أمرهم به الله ورسوله ﷺ لئلا يحق عليهم وصف العتو عن الأمر.

وتشريف وحي الله تعالى بأنه منزل من السماوات وصادر عن علم الله وقدرته تعالى.