آيات
٨
مكان النزول
المدينة المنورة
(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)
وردت تسمية هذه السورة في كلام النبيء ﷺ (﴿لم يكن الذين كفروا﴾ [البينة: ١]) .
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك «أن النبيء ﷺ قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك (﴿لم يكن الذين كفروا﴾ [البينة: ١]) قال: وسماني لك ؟ قال: نعم. فبكى» فقوله: أن أقرأ عليك (﴿لم يكن الذين كفروا﴾ [البينة: ١]) واضح أنه أراد السورة كلها فسماها بأول جملة فيها، وسميت هذه السورة في معظم كتب التفسير وكتب السنة سورة (لم يكن) بالاقتصار على أول كلمة منها، وهذا الاسم هو المشهور في تونس بين أبناء الكتاتيب.
وسميت في أكثر المصاحف (سورة القيمة) وكذلك في بعض التفاسير. وسميت في بعض المصاحف (سورة البينة) .
وذكر في الإتقان أنها سميت في مصحف أبي (سورة أهل الكتاب)، أي: لقوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب﴾ [البينة: ١]، وسميت سورة (البرية) وسميت (سورة الانفكاك) . فهذه ستة أسماء.
واختلف في أنها مكية أو مدنية؛ قال ابن عطية: الأشهر أنها مكية وهو قول جمهور المفسرين. وعن ابن الزبير وعطاء بن يسار هي مدنية.
وعكس القرطبي فنسب القول بأنها مدنية إلى الجمهور وابن عباس والقول بأنها مكية إلى يحيى بن سلام. وأخرج ابن كثير عن أحمد بن حنبل بسنده إلى أبي حبة البدري قال: («لما نزلت ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب﴾ [البينة: ١] إلى آخرها قال جبريل: يا رسول الله، إن الله يأمرك أن تقرئها أبيا» ) الحديث، أي: وأبي من أهل المدينة. وجزم البغوي وابن كثير بأنها مدنية، وهو الأظهر لكثرة ما فيها من تخطئة أهل الكتاب ولحديث أبي حبة البدري، وقد عدها جابر بن زيد في عداد السور المدنية. قال ابن عطية: إن النبيء ﷺ إنما دفع إلى مناقضة أهل الكتاب بالمدينة.
وقد عدت المائة وإحدى في ترتيب النزول نزلت بعد سورة الطلاق وقبل سورة الحشر، فتكون نزلت قبل غزوةبني النضير، وكانت غزوة النضير سنة أربع في ربيع الأول؛ فنزول هذه السورة آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع.
وعدد آياتها ثمان عند الجمهور، وعدها أهل البصرة تسع آيات
توبيخ المشركين وأهل الكتاب على تكذيبهم بالقرآن والرسول ﷺ .
والتعجيب من تناقض حالهم، إذ هم ينتظرون أن تأتيهم البينة فلما أتتهم البينة كفروا بها.
وتكذيبهم في ادعائهم أن الله أوجب عليهم التمسك بالأديان التي هم عليها.
ووعيدهم بعذاب الآخرة.
والتسجيل عليهم بأنهم شر البرية.
والثناء على الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ووعدهم بالنعيم الأبدي ورضى الله عنهم وإعطائه إياهم ما يرضيهم.
وتخلل ذلك تنويه بالقرآن وفضله على غيره باشتماله على ما في الكتب الإلهية التي جاء بها الرسول ﷺ من قبل وما فيه من فضل وزيادة.