مكة المكرمة
سورة الفيل

آيات

٥

مكان النزول

مكة المكرمة

تمهيد عام للسورة

(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)

 

‌‌‌‌‌وردت تسميتها في كلام بعض السلف سورة (ألم تر) . روى القرطبي في تفسير (سورة قريش) عن عمرو بن ميمون قال: صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب فقرأ في الركعة الثانية (ألم تر) و(لإيلاف قريش) . وكذلك عنونها البخاري. وسميت في جميع المصاحف وكتب التفسير (سورة الفيل) .

وهي مكية بالاتفاق.

وقد عدت التاسعة عشرة في ترتيب نزول السور. نزلت بعد سورة (قل يا أيها الكافرون) وقبل (سورة الفلق) . وقيل: قبل (سورة قريش) لقول الأخفش إن قوله تعالى: ﴿لإيلاف قريش﴾ [قريش: ١] متعلق بقوله: ﴿فجعلهم كعصف مأكول﴾ [الفيل: ٥] ولأن أبي بن كعب جعلها وسورة قريش سورة واحدة في مصحفه ولم يفصل بينهما بالبسملة، ولخبر عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب المذكور آنفا: روى أن عمر بن الخطاب قرأ مرة في المغرب في الركعة الثانية سورة الفيل وسورة قريش، أي: ولم يكن الصحابة يقرءون في الركعة من صلاة الفرض سورتين؛ لأن السنة قراءة الفاتحة وسورة، فدل أنهما عنده سورة واحدة. ويجوز أن تكون سورة قريش نزلت بعد سورة الفلق وألحقت بسورة الفيل، فلا يتم الاحتجاج بما في مصحف أبي بن كعب ولا بما رواه عمرو بن ميمون.

وآيها خمس.

أغراض السورة

وقد تضمنت التذكير بأن الكعبة حرم الله، وأن الله حماه ممن أرادوا به سوءا أو أظهر غضبه عليهم فعذبهم لأنهم ظلموا بطمعهم في هدم مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدا، وليكون ما حل بهم تذكرة لقريش بأن فاعل ذلك هو رب ذلك البيت وأن لا حظ فيه للأصنام التي نصبوها حوله.

وتنبيه قريش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبيء ﷺ عند الله، إذ أهلك أصحاب الفيل في عام ولادته.

ومن وراء ذلك تثبيت النبيء ﷺ بأن الله يدفع عنه كيد المشركين، فإن الذي دفع كيد من يكيد لبيته لأحق بأن يدفع كيد من يكيد لرسوله ﷺ ودينه ويشعر بهذا قوله: ﴿ألم نجعل كيدهم في تضليل﴾ [الفيل: ٢] .

ومن وراء ذلك كله التذكير بأن الله غالب على أمره، وأن لا تغر المشركين قوتهم ووفرة عددهم ولا يوهن النبيء ﷺ تألب قبائلهم عليه فقد أهلك الله من هو أشد منهم قوة وأكثر جمعا.

ولم يتكرر في القرآن ذكر إهلاك أصحاب الفيل خلافا لقصص غيرهم من الأمم لوجهين: أحدهما أن هلاك أصحاب الفيل لم يكن لأجل تكذيب رسول من الله، وثانيهما أن لا يتخذ منه المشركون غرورا بمكانة لهم عند الله كغرورهم بقولهم المحكي في قوله تعالى: ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر﴾ [التوبة: ١٩] الآية، وقوله: ﴿وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ [الأنفال: ٣٤] .